الأحد، 14 يونيو 2009

ضياع ديني -2-

هنا استكمالا للتدوينة الماضية من كتاب جفري لانج ... لم أكمل أكثر من نصف الكتاب الى هذه اللحظة ولكني فضلت ان تكون وقفات صغيرة ... الايام الجاية اختبارات ربنا يعيننا ونكمل الكتاب في هذي الفترة .. قد تكون الافكار ليست مرتبة بشكل جيد ولكن استحملوني لاحاول ايصال ما فهمت ...

يقول :
" بما ان الله هو كمال الفضائل التي ينبغي ان نكتسبها فإننا كلما نمونا فيها ازدادت قدرتنا على معرفة الله والاحساس به ، وكلما ازددنا نموا في الرحمة تعاظمت مقدرتنا على معرفة رحمة الله غير المحدودة ، وكلما ازددنا رأفة ازددنا مقدرة على معرفة رأفة الله"
هنا اتخيل انني اشاهد رسما بيانيا ... حيث رحمة الله لا متناهية وبجانبها الرحمة التي نتحلى بها ... وكلما ازددنا رحمة بمن حولنا من بشر وحيوان ونبات كلما ارتفع مستوى الرحمة عندنا بجانب رحمة الله اللامتناهية وبالتالي زيادة ادركانا لرحمته سبحانه الغير محدودة ... وكما يقول جفري : " ولكي نزداد قربا من الاخرين فاننا نتوجه اليهم بما نشاركهم فيه " .. وكلما ارتفع مستوى رحمتنا زاد فهمنا للإسم "الرحيم " واقتربنا منه سبحانه وبالمثل لباقي أسمائه سبحانه : " كلما كان مستوى الخير عندنا اعلى كانت مقدرتنا على ادراك الخير اللامتناهي الذي هو الله والارتباط به اكبر "


في التدوينة الماضية كتبت عن العبارة :
"في صميم اي مواجهة او حدث دنيوي فرص الهية للنمو الروحي"
هنا سأذكر احدى الفرص هذه ... فنحن لا نعرف قيمة الرحمة الا عندما نقع في موقف نحتاج فيها الى رحمة الآخرين ... فبالاضافة اللى تعلقنا بالله سبحانه ارحم الراحمين في مثل تلك المواقف ... نكتشف اهمية رحمة البشر لأخوانهم البشر... ففرصة الاكتشاف لاهمية الرحمة مثلا من خلال المصائب هي فرصة للنمو الروحي من خلال ادراك لدورنا المفترض و القيام به ..

كيف نتعبد الله سبحانه من أخلاقنا ؟؟ ما العلاقة بين أخلاقنا والقرب من الله ؟؟
" للعبادة في القران مفهوما شاملا يمتد الى ما وراء الشعائر ... في حين ان الشعائر الدينية تشكل جزءا يسيرا من العبادة "
هل الله سبحانه امرنا في " وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون" لنلتزم المساجد ونتصوف ونتقوقع ونمضي يومنا بين الركوع والسجود والقراءة والتسبيح !! أكيد ليس هذا المقصود ..
فالشعائر كما قال جفري هي جزء يسير ... ثم يأتي بعد ذلك دورنا في الابداع في العبادات كل على حاله .. "فعندما نساعد زميلا لنا من البشر فإننا نكشف عن حبنا لله ولكنه حب يفتقر الى الفورية والحميمية التي يتصف بها الاتصال المباشر " ... ومن اسماء الله تعالى تكون كثير من هذه العبادات كالرحمة والعون والعفو والود التي هي عبارة عن أخلاق انسانية أساسية ... فكلما ازددنا من تطبيق هذه الاخلاق الانسانية الاساسية المشتقة من اسماء الله الحسنى ازددنا قربا من الله واحساسا به ... ولهذا - والله أعلم – جاء في الحديث "إن من أحبكم إلي ، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة ؛ أحسنكم أخلاقا "صحيح الترغيب 2649 ... لان صاحب الخلق الحسن قد قرب احساسا بوجود الله وارتقى بتمثيله لله سبحانه في الارض ... فكما قال جفري : " ويعني هذا التمثيل – اي تمثيل الله في الارض – بذل اقصى الجهد ليصبح المرء أداة لله توصل ما يوحي به من خير الى الاخرين " ... فالخلافة للأرض كما قال هي ان نكون الاداة التي توصل اسماء الله سبحانه الى الاخرين ونحسسهم بها ...
ويقول جفري لانج عن الشعائر : " فإنها تزودنا كذلك بوسيلة مباشرة لايصال حبنا الى الله "
فالشعائر الاساسية كالصلاة والصيام و فهم القران هي الصلة المباشرة والاساسية بالله سبحانه وتعالى التي من خلالها نستقي ونتلقى اسماء الله الحسنى ... ثم يجيء دورنا في السير في الارض وتعميق الصلة بيننا وبين الله سبحانه من خلال نقل ما تلقيناه الى الارض والبشرية وبذلك أدينا الخلافة وأدمنا الصلة ..

هناك 3 تعليقات:

همام محمد يقول...

"فعندما نساعد زميلا لنا من البشر فإننا نكشف عن حبنا لله ولكنه حب يفتقر الى الفورية والحميمية التي يتصف بها الاتصال المباشر " .

ستكون سلسلة تدوينية مميزة حقًا

شكرًا لقلمك

غير معرف يقول...

موضوع رائع،كعادتك اذا ناقشت موضوع من هذا النوع
تقول
"ومن اسماء الله تعالى تكون كثير من هذه العبادات كالرحمة والعون والعفو والود التي هي عبارة عن أخلاق انسانية أساسية ... فكلما ازددنا من تطبيق هذه الاخلاق الانسانية الاساسية المشتقة من اسماء الله الحسنى ازددنا قربا من الله واحساسا ب"
بصراحة كنت دوما اتساءل عن مغزى تعدد اسماء الله،وكان الجواب التقليدي المطروح،غير مقنع
ولكن قرأت كلاما قريبا ثم كلام جيفري هذا(وهما يكملان بعض) فبدأت اسماء الله الحسنى تأخذ بعدا وعمقا هائلا
مثل ما اشرت كون هذا التواصل بين اسماء الله وصفاته والاخلاق الإنسانية الأساسية،فإن هذا الجانب يعطي للإسلام والمسلم الممتثل بهذه الروحانية أفقا أخلاقيا هائلا
تخيلوا لو طبقنا هذا الطرح: فاصبح المسلم في العالم يساوي بين مسيرته الى الله وبين استغراقه في الأخلاق الإنسانية الأساسية،التي تبهر بها كل حضارة،كيف سيصبح شكل المسلمين وأثرهم في العالم؟

اشكرك على هذه المواضيع التي تثير خيالنا

أبان باهبري يقول...

شكرا همام ... اتشرف بمتابعتك

شكرا طارق على اضافتك الرائعة .. صحيح كيف سيكون حال المسلمين لو طبقو فقط هذه الاخلاق ... وقتها لن نحتاج الى دعاة للإسلام ولكن سيكون الاسلام هو من يدعو الى نفسه !!