السبت، 8 ديسمبر 2018

الجوال والراوند!


ارجع 1000 سنة للوراء، كيف كانت الحروب؟ اشتباك مباشر بأسلحة حادة .. حيث للقوة الجسدية والعدد دور حاسم في المعارك ..كيف صارت اليوم؟ القوة المعلوماتية والتكنولوجيا هي العامل الأساسي في زمن الاشتباك غير المباشر .. لا القوة الجسدية ولا العدد.. ما اقصده ان قواعد اللعبة تغيرت تماما ..



التكنولوجيا غيرت قواعد اللعبة في كل المجالات .. أُسقط هذه الفكرة على الجانب الطبي ..  كانت الذاكرة عاملا محوريا لنجاحك .. مع تجدد المعلومات بشكل سريع ووجودها على جوالك او كمبيوترك .. أصبحت مهارة استخراج المعلومة بأسرع وقت ومن المصدر الموثوق كاستخدام السلاح في المعارك .. واصبح الاعتماد على الذاكرة كالاعتماد على قوة العضلات!

 يبدو الامر تكاسلا؟ ليس كذلك! لاستخدام سلاح التكنولوجيا بشكل فعال ستحتاج غالبا إلى انشاء قاعدة بياناتك من للمراجع والاختصارات للرجوع اليها بسرعة في عملك اليومي!! تحتاج إلى التدريب المستمر وتطوير تلك المهارة باستمرار! 

هذا الأمر ينطبق على كثير من المجالات الأخرى .. من الذكاء ان توجد مايمكن للتقنية ان تساعدك وتقوم به عنك لتركز على تطوير أمور أخرى! 

السبت، 11 أغسطس 2018

خواطر أزمة كندا


كانت نومة (بوست كول) لما صحتني سارة: أبان ألغو البعثات! مع هلوسة النوم وصدمة الخبر احتجت أيام لاستوعب أبعاد القرار .. الذي إلى اليوم – بعد حوالي أسبوع  – لا أزال أشك بأنه حلم غريب! مما يجعل قدر الله هذا أهون على النفس انه كان بشكل كامل خارج سيطرة الفرد .. الله يكتب الخير لنا

مثل هذه الصدمات تجعل الإنسان يعود خطوة للوراء إلى نفسه .. يفكر في قِيَمه وجوهره وماذا يريد أن يكون لكي يرسم خطة أخرى مع صعوبة الأمر على النفس .. الأمور غير واضحة حاليا بشكل كلي لكن نحن بحاجة أن نعالج هذا الجرح ونمضي بأقل الخسائر .. هنا بعض الخواطر:


- في كتاب قريته هذه السنة اسمه Start with WHY .. جميل وغريب كيف ان كتاب مثل هذا  يكشف لك بعد 28 سنة من حياتك قيمه تستطيع أن تقول انها الأكثر جوهرية فيك .. التي عندما تسعى لتحقيقيها في يومك تكون متناغما مع نفسك  برضى  .. بغضّ النظر عن مرحلتك في الحياة في شتى جوانبها (بالنسبة لي: عبد ، طبيب ، ابن ، زوج ، اب ، اخ ... الخ) .. قعدت افكر ليش انا مستعجل على اني اخلص وأصير استشاري؟ هل ما اقدر أحقق أموري الجوهرية في الحياة الا في ذاك الوقت؟ الإجابة كانت: لا! طيب لماذا التوتر اذا تأخرت سنة او اثنين مادام اني قادر على أن أعيش في رضى ربي وتناغم مع ذاتي .. لازم استمتع بالرحلة لان لايوجد نهاية نهاية اصلا!!


-الله لايختار لنا الا الخير ولو ما ابصرناه أو ادركناه! ليش مايكون كل اللي حصل عشان نطلع من كندا لان لو قعدنا ممكن حصل حادث شلّ أطرافي وأفقدني عائلتي؟ الطريف في الموضوع كيف هذه الازمة ذكرني بأحد الزملاء اللي قدم معي في نفس السنة لكندا ولم يكتب الله له القبول وهو أمر صعب على النفس .. يسر الله له القبول في أمريكا وأموره الآن ماشية على أتم ما يكون!


- بعد وفاة الوالد الله يرحمه عرفت حقيقة ما تغيب عن بالي من حينها في أي موقف صعب ، لاتزعل على شيء بالإمكان يتعوض! الفرص تروح وتجي ..


- عدت لمشاهدة مقطع خطاب ستيف جوبز في ستانفورد .. خطاب ملهم بفكرة Connecting dots .. الواحد مايشوف الصورة الكبيرة إلا لاحقا وعقبات كبيرة في الطريق قد تكون هي المفتاح لمسيرة غير عادية!









الثلاثاء، 19 يونيو 2018

إجازة الأبوّة والانتحار!




عدت هذا الأسبوع للعمل بعد إجازة (أبوّة) لمدة شهر

  Paternity leave

الفكرة والمصطلح جديدين بالنسبة لي .. ولم اسمع عنها قبل ذلك في السعودية .. خلال اول 5 أيام بعد ولادة سلطان لم يكن اهل زوجتي قد وصلوا بعد (ما ادري كان مستعجل على ايش وجا بدري؟!) .. عشت تجربة تمر فيها الكثير من الأسر الكندية .. حيث الاب والام هم تقريبا المسؤولين بشكل كامل عن الأبناء .. فلا يوجد "نفاس" تروح الام عند أمها شهر .. في هذه الحالة يكون الحِمل كبيرا على الام وتحتاج الى زوجها ان يكون بجانبها .. يساعدها من الحفايظ إلى الطبخ والصحون! لذلك ما اعتقد ان الامر "دلع" بقدر انه حاجة عند الكثيرين.



توفر برامج التدريب للاب إجازة أبوة مدفوعة الاجر تصل إلى 6 شهور! وبالإضافة إلى بُعد حاجة مساعدة الزوجة .. تهتم البرامج بأن يقضي الاب هذا الجزء المهم من بداية حياة الطفل بقربه .. كمية المرونة التي وجدتها من مديرة البرنامج كانت كبيرة .. خططنا سويا لاجازة تبدأ من يوم الولادة .. مع ذلك قالت لي في حال حصلت الولادة مبكرا فقط ابلغني وتبدأ اجازتك فورا وبإمكانك أيضا تمديدها



موضوع إجازة الابوة يجرني إلى الموضوع الأساسي .. وهو الوعي المتزايد بالمشاكل والعبئ النفسي الذي يمر به الأطباء أدت إلى وجود نسبة انتحار عالية بينهم .. أرى جهدا كبيرا من هذه الناحية لمساعدة الأطباء المتدربين لتخفيف الضغوط ومحاولة دعمهم للتخفيف من هذه المشاكل .. من امثلتها تغيير نظام المناوبة من 24 ساعة الى 16 ساعة .. المرونة العالية في الاجازات الاضطرارية .. برامج الدعم النفسي .. العمل على تحسين بيئة العمل والعلاقة بين الاستشاريين والاطباء

أعقتد أن وضع برامج التدريب في السعودية يحتاج حاليا الى الوعي بالمشكلة والاعتراف بها كبداية .. ومن ثم اتخاذ خطوات وتعديلات في البرامج وبيئتها وطريقة تعامل الاستشاريين مع المتدربين كخطوة بعدها ..

الأحد، 10 يونيو 2018

الاقتراب من المجلس


تدوينة بنكهة رمضان .. خلال الأيام الماضية سمعت أو قرأت عن أمر لا نلفت له عادة ..لفتات من نبل ورفعة خلق الأنبياء من مواقف في حياتهم اليومية .. هنا بعضها:



- خرج من مدينته خوفا ممن يترصد قتله .. إلى أين؟ إلى مكان لايعرف فيه أحدا .. دخل مدينة وعلى طرفها بئر تستسقي الناس منه .. هو في ذلك الحال لا ملجأ ولا مأوى.. ولا من يعرفه فيقضي له حاجة ..

يتبادر للإنسان أن يبحث عن من يحتمي به في تلك الحالة البائسة .. مع ذلك ما أول فعل قام به موسى في تلك الحال العصيبة؟ وجد ذا حاجة فقضى له حاجته:

(وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ..  فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)

إنه خلق الأنبياء .. عندما ترى ذا حاجة .. لايكون لديك أي حسابات أخرى إلا عون ذلك الشخص!





- خلال فترة سجن يوسف عليه السلام وفي قصه صاحبي السجن الشهيرة .. كيف وصفه  صاحباه؟ ماهي الصفة الأبرز فيه؟ (نبئنا بتأويله إن نراك من المحسنين) .. ومن العجيب كيف له أن يكون محسناً لهم وهو حبيس مثلهم في السجن .. لا جاه ولا مال ولا أرض يسعى لهم فيها بشيء!



- بلا موعد سابق يحل عليك ضيوف لاتعرفهم! تحاول ان تتظاهر بأنك تريد حاجة من داخل البيت .. وتحاول جاهدا أن ترتب مائدة و"ذبيحة" بدون أن يحسون بذلك حتى لاينصرفوا او يعتذروا .. لهو منتهى الكرم في إبراهيم عليه السلام عندما جاءته الملائكة : " فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين .. فقربه إليهم فقال ألا تأكلون" .. وكلمه "راغ" من مرادفات "مراوغة" التي نستعملها كناية عن إحكام الاخفاء فلا ينكشف الامر



- في أحاديث رواها الصحابة عن وصف النبي صلى الله عليه وسلم من تعاملهم اليومي معه:: كان إذا صافح أحدا لا ينزع يديه من يده حتى يكون هو الذي ينزع .. واذا لقي الرجل فكلمه لم يصرف وجهه حتى يكون الرجل هو الذي يصرفه .. وكان إذا كلمه أحد استدار له كلية!



تلك بعض الأمثلة البسيطة .. والمقصد ان نلتمس من هذه اللمحات ونتزود بجماليات أخلاقية نكسبها من رمضان لبقية العام .. عسى الله ان يقربنا بها من مجلس نبيه عليه السلام ..


السبت، 24 مارس 2018

لك الحمد إن "الخطايا" عطاء

انهيت مؤخرا أول أسبوعين لي كطبيب اطفال مقيم أول
هذي ترجمتي الشخصية لـ Senior resident ( :
وهي مرحلة تصل لها في التدريب تكون المسؤول الأول في المستشفى خلال الليل بالنسبة للمرضى المنومين وتحويلات الطوارئ التي تحتاج إلى تنويم ..

كل الليالي بحمد لله كانت ممتازة وكنت احصل على تقييمات جيدة من الاستشاريين في الصباح التالي .. في اخر ليلة تم تحويل طفل بالتهاب فيروسي في مجرى التنفس العلوي .. كان وضعه مستقر  .. شرحنا الوضع للام ولماذا لايحتاج الى تنويم بناء على التشخيص ومانعرفه عن طبيعة المرض والارشادات الطبية المتفق عليها لعلاج المرض .. تكلمت مع الاستشارية المناوبة معي "حيث ان المريض تحت اسمها ولا استطيع ان ارسلهم إلى البيت الا بعد موافقتها"..  بعد النقاش اتفقت على ارساله مع إعطاء النصائح بالعودة في حال رجوع الاعراض .. بعد 36 ساعة عاد الطفل للمستشفى بأعراض اشد ..

للمحيطين بالمجال الطبي .. مثل هذه الأمور تسبب أثر نفسي وتساؤل حول تقييمك للحالة .. لا أنكر أنها أثرت علي .. وهذا هو الطبيعي .. لكن كيف تتناول مثل هذه المواقف .. كيف تحللها وتعكسها على نفسيتك وخبرتك ..

للمصادفة كنت بدأت في قراءة كتابين جيدة .. وهما يتناولان تحديدا هذه المواضيع:
How doctors think?
&
Mindset: The new psychology of success


المصاعب والتحديات التي تواجهها هي ما يصقل مهارتك .. والخبرة هي عبارة عن تراكم الدروس التي تمر بها .. فأنت كطالب في أي كلية تدرس أمورا نظرية فقط وقد تكون تعرف تفاصيلا اكثر من الممارس في الحياة الواقعية .. لكن الخبرة والتجارب هي ماتصنع الفارق .. فالسؤال المهم هنا هو كيف تستفيد بأقصى حد من كل تجربة تخوضها؟
Reflection
في كل خطأ تقوم به فكر: ماهو الدرس الذي ممكن ان اتعلمه من هذه التجربة؟ كيف يمكن أكون افضل في المرة القادمة؟
بالتأكيد ستجد الكثير .. أتذكر قبل فترة كتبت عن كم حالة تعملت منها.. انوي حاليا ان اجعلها في ملف خاص .. حيث هذه هي حصيلة الخبرة


 الجميع يخطئ .. لديك خيارين .. اما ان تتجاهل الخطأ وتلوم الظروف .. او تعترف به وتفكر كيف لهذه التجربة ان تجعلك افضل .. عندما تواجه حالات في المستقبل ستكون اكثر ثقة في القرارات التي ستتخذها  ..انه لشعور غريب اني "احس" بعد أسبوع من هذا الامر انني تطورت كثيرا بعد تلك الحالة .. لا أقول من ناحية المعلومات ولكن من ناحية الخبرة والتقييم للحالات .. ممتن جدا لهذا الدرس .. وسعيد ان الطفل بخير ( :

ذهنية التعلم من الأخطاء لاتنطبق فقط على الجانب الطبي او العملي .. وانما على كل قراراتك وخبرات في الحياة بشكل عام .. أتذكر في أولى أيام الوصول الى كندا كنا نبحث عن سكن . في احد الشقق قالت لي صاحبة الشقة بكم تريد ان تستأجرها؟ لم اكن اعرف هل من الأفضل ان اعطيها سعرا منخفضا ام ادعها تعطيني السعر أولا .. قررت سريعا ان اعطيها سعرا منخفضا بناء على ما اتوقعه .. بعدما خرجت من عندها ندمت على ذلك السعر حيث انها وافقت مباشرة بدون تردد .. فأحسست ان من الأفضل ان اعطي سعرا اقل من ذلك او ادعها هي تقول أولا .. قررت ان اجعل من الموقف نقطة تعلم .. واستمتعت لكتاب من هارفرد عن المفاوضات .. وعرفت متى من المفروض ان اعطي السعر ومتى ان انتطر الطرف الاخر!



للمهتمين بالموضوع هذا مقطع تيد
Brian Goldman: Doctors make mistakes. Can we talk about that?
https://www.youtube.com/watch?v=iUbfRzxNy20