الأحد، 2 أغسطس 2015

وهم النجاح!


في كل مجال ستجد من يشار إليهم بالنجاح ...
ماذا عن بقية جوانب حياتهم؟


 جوهر الموضوع هي أن معايير الناس لاتكون دائما صحيحة .. ولا تنظر إلى الصورة كاملة ..



أولهم لايكاد يجهله أحد !

آخر : قلة من يعرفونه .. له بعض النجاحات في مختلف جوانب الحياة .. ولكن أي منها لا يصل إلى أن يشتهر من أجلها ..


هنا تقييم لمختلف جوانب نجاحاتهم الأخرى:





نعم تحتاج أن تحقق نتائج عالية في أحد الجوانب حتى يعترف أحدهم بنجاحك! فقط في أي منها ولا يهم موقعك في البقية!

 لو احتسبنا فرضا أن النجاح في كل معيار له نقاط من 10 .. واحتسبنا مجموع النقاط لهما :

نقاط الأول = 23

نقاط الآخر = 31
 
!!

تكمن المشكلة في الاعتراف بالنجاح أننا لا نعير الاهتمام الا بالنجاح العامودي (اي نجاح قياسي في احد الجوانب) .. بينما لا نعير الاهتمام للنجاح الرأسي (تحقيق توازن جيد وكبير في مختلف جوانب الحياة) ..


ليس الأمر هنا تفضيل لأحدهما  .. بينما إعادة تقييم أنفسنا ونجاحاتنا الصغيرة المهملة!


هناك نجاحات يعترف بها الناس وأخرى لايفعلون! لايهمهم توازنك في حياتك الشخصية .. ولا عمق تجربتك الذاتية .. إنما يريدون شيئا على معاييرهم..




من المهم ألا تنس نفسك وتوازنها وألا تقلل من قيمة ذلك .. فشلٌ أن يحفل بك الآخرون بينما لا تطيق أنت نفسك .. أنت من سيعيش حياتك بقية اليوم وليس هم! كافح بتوازن ولما تريد أنت ليس غيرك .. دون أن تغرق ..
 
 
*حلقة برنامج ومحياي - شرارة الفكرة:

الجمعة، 3 أبريل 2015

تجربة الشميسي!




 توثيق التجارب وان كان يبدوا بلا فائدة كبيرة أحيانا .. إلا أنه يظل بلا شك مصدر معلومات مختلف لا يوجد في كل مكان .. ومرجع تاريخي أحيانا .. فالإعلام يوثق الاحداث الكبيرة .. أما التجارب الشخصية والاجتماعية البسيطة فغالبا ما ينساها التاريخ ..

أوثق هنا جزء من تجربة تدريب شهر في مجمع الملك سعود الطبي كما أطلق عليه مؤخرا .. أو بما أشتهر به " الشميسي"..



 

الشميسي من أقدم مستشفيات المملكة .. افتتح عام 1376 هـ أي قبل حوالي 60 سنة .. يقع في أقدم مناطق الرياض وأفقرها حاليا ! جزء لابأس به من المستشفى تم تجديده .. بينما بقيت أجزاء منه شاهدة على العصر القديم .. ومما بقي قسم الطوارئ الذي قضيت فيه شهر التدريب ..

اشتهر المستشفى باستقبال حالات الحوادث والصعبة منها خصوصا  .. ومما يجعل من المستشفى مكانا مختلفا هو كونه مرجعا لعلاج مرضى السجون!

كطبيب امتياز يتركز دوري على رؤية المرضى في البداية وفحصها وتقديم الحالة باختصار لمن هو فوقي ومن ثم متابعة الخطة التي نضعها للمريض .. 
الطوارئ بشكل عام تقسم لدرجات .. هناك قسم للحالات الخطرة جدا التي تكون فيها حياة المريض مهددة بالخطر وبالتالي تحتاج للملاحظة المستمرة والتدخل السريع.. وقسم اخر للحالات الأقل منها والتي تحتاج للعلاج في المستشفى والتنويم أحيانا .. بينما الحالات البسيطة (الزكام مثلا) تعالج في قسم الفرز ..



في الشميسي : كأني في مستشفى يقع في أحد بقاع أفريقيا ! المكان قديم جدا .. المرضى في كل مكان .. جو مشحون فالانتظار الطويل كفيل باشعال الكثير من المشاكل .. كنت ضحية لأحدها : أخذت كمية لا بأس بها من الشتائم من كافة الدرجات .. وكنت على شفا اعتداء جسدي ! صحيح انه في كثير من المستشفيات توجد مشاكل الانتظار .. الا ان الزوار في الشميسي  بشكل عام من طبقة اجتماعية فقيرة اقتصاديا ومتدنية تعليميا .. ورأيت قوة العلاقة بين الحالة الاقتصادية والتعليمية وبين التعامل والأخلاق!


أما من ناحية الرعاية الصحية :

لدى الشميسي خبرة وتجربة جيدة في التعامل مع الحوادث والحالات الصعبة خصوصا في بداية استقبال الحالات ..هناك مجال كبير للتطور في الشميسي .. أرى جانبا كبيرا من المشلكة تكمن في الإدارة .. من القصص الطريفة التي تصف الحال: رئيسة الممرضات الفلبينية تشتكي للمشرف من غياب الممرضات السعوديات المتكرر عن الدوام أيام الجمعة والسبت .. وأنه أصبح من الطبيعي غيابهم في هذه الايام .. كان الحل الذي أعطاه المشرف للمرضة :

So don’t give them shifts in the weekend!

لاتعطوهم شفتات في الويكند!



وعلى الرغم من أن التجربة لم تكن جميلة بكافة النواحي .. إلا أنني لو عاد بي الوقت لكررت التجربة :

-        أحب أن أعيش تجارب جديدة ومتخلفة .. والشميسي بالفعل كذلك .. يتيح لك الفرصة أن ترى مستوى آخر للخدمة الصحية .. يتيح لك التجربة أن تعايش طبقة اجتماعية لا تتاح لك الفرصة إلا نادرا أن تحتك بها بهذا القرب .. اتيحت لي الفرصة أيضا أن احتك بقرب بالمساجين..

-        في الشميسي مع كثرة المرضى تتاح لك الفرصة أن تعمل بيدك .. اتيحت لي الفرصة خياطة عدد كبير من الجروح وهو مالم يتاح لي في المستشفى الجامعي ..أحدها كانت لاتنسى: سجين أفريقي أحضرته الشرطة بعد القبض عليه .. كان مكبلا على السرير بشكل مخيف .. اخبرني العسكري أنه مشعوذ والقبض عليه كان في غاية الصعوبة وأنه من الممكن أن يهرب .. للضرورة خاطرت وفكيت عنه الأربطة بتوتر خوفا من أن يهرب! الله ستر .. لكنه كان يهلوس بجمل عربية غير مرتبة .. الوضع كان مخيفا نوعا ما!



في النهاية لأي طبيب امتياز يقرأ التجربة :
جرب الشميسي .. صحيح ان التجربة قد لاتكون جميلة بشكل كامل .. الا انها تجربة مختلفة .. سترى قدر كبير من الحوادث الصعبة والحالات الحرجة .. وهو شيء جيد أن تعتاد على رؤيته والتعامل معه باعتياد وبتوتر أقل ..