الثلاثاء، 11 ديسمبر 2012

فكر بدل أن تقرأ !





في كتاب "العولمة" لجلال أمين تناول مسألة تذكر كثيرا ولكنه طرحها بأسلوب جيد يجاوب فيه على الأسئلة :


مالفرق بين المعلومة و المعرفة ؟

وهل كثرة المعلومات بحد ذاتها مسألة مفيدة ؟


بداية سنشبه المعلومة بالطعام .. والتفكير بالمعلومة هي أكل الطعام .. بمعنى أنه إذا كان لديك معلومة لم تفكر فيها وتدخلها إلى سياق معين فأنت كمن يملك طعاما أمامه ينظر إليه ولا يأكله !

المعلومة بحد ذاتها عديمة الفائدة ! الا إذا تم استعمالها أو كانت مؤثرة بشكل ما على حياتنا أو تفكيرنا أو فهمنا للأمور ..




تخيل أني قلت لك المعلومة التالية :

السودان جنوب مصر

ما الأشياء التي من الممكن أن نستفيدها من هذه المعلومة ؟! إنها مثل كثير من المعلومات التي قد نعرفها ولايكون لها أي قيمة !


 سنحاول أن نحول هذه المعلومة إلى معرفة مفيدة بالتفكير فيها :

دولتين لها حدود مشتركة  .. أليس من المنطقي أن تكون هناك قبائل تعيش على الحدود وأدى استقلال السودان عن مصر الى تشردها بين الدولتين !؟

سنصل في النهاية ومن خلال التفكير المتمعن في المعلومة الأولى والبحث فيها ان نصل ان هناك قبائل النوبة تسكن شمال السودان وجنوب مصر .. هذه المعلومة تؤدي بنا إلى فهم أفضل لطبائع أهل صعيد مصر بالمقارنة مع أهل شمال السودان الذين تجمع بينهم كثير من الصفات المشتركة..


في هذا المثال أدت المعلومة : (السودان جنوب مصر ) إلى فهم أفضل لواقع طبائع اجتماعية : (تشابه طبائع أهل صعيد مصر وشمال السودان)






المعرفة هي معلومة وضعت مع معلومات أخرى في سياق معين فأدت دورا ووظيفة وأدت إلى فهم أفضل لقضية ما  أو واقع معين ..

(لانحتاج في معظم الأحوال إلى معلومة جديدة ولكن نحتاج إلى وقت أطول للتفكير فيها) – جلال أمين


من هنا يبرز لنا أن كثير من مصادر المعلومات هي مشتتة ومضللة لنا أكثر منها مفيدة .. بل قد تصل إلى ان تفقدنا كثيرا من الحكمة والنظرة العميقة للأمور .. كثرة المعلومات السطحية التي تمر علينا يوميا تستغرق معظم أوقاتنا دون أن يكون لدينا الوقت لنقرأ ونفكر بتمعن ..



هي تجعلك تقرأ أو تسمع ( السودان جنوب مصر ) دون أن توصلك لأي نتيجة أخرى لانك قبل ان تنهي آخر كلمة من الجملة تكون قد انتقلت لمعلومة أخرى ! ليس لديك الوقت لنفكر ..


فكر في : تويتر ، فيسبوك ، إيميلك ، الجرائد ، التلفزيون ، ....  
هل جعلتك تفكر بشكل أفضل أم هي تحرمك يوميا من هدفك !؟


الأحد، 8 أبريل 2012

دعوة للتحرر


بالتأكيد لايتساوى الفعل ورد الفعل .. فالفعل بناء .. أما رد الفعل فقائم على الترقب .. ينتظر الهفوات ليقتات عليها ..


كثيرا مايعمل عامل الجذب معي .. هذه المرة أكرمني بهذه العبارة من الصديق عبدالله بن عمر :

"إن الذي يصرف معظم وقته في صناعة ذاته سيكون أكثر إفادة لأمة الإسلام من الذي يقضي معظم وقته في متابعة أخبار أمة الإسلام؛ لأن الأول يفعل والآخر ينفعل، والفعل أدوم أثرا من الانفعال"


إشغال الوقت بردات الفعل مشتت لكثير من الجهود .. فكيف إذا كان كل توجه الشخص الفكري عبارة عن ردة فعل !


مع شروق شمس كل يوم يزداد الشباب انفتاحا واطلاعا بينما يظل الخطاب الديني على نفس ماهو إن لم يزدد سوءا في محاولة للسيطرة على الموقف –مع استثناءات - .. لن يرجع الزمن للوراء .. وأسلوب الأمس بالضرورة سيزيد واقع اليوم سوءا ..


لدينا جانبين متطرفين من ردتي الفعل كسرو كل أدوات الحوار ودخلو في حرب لن توصل إلى شيء في أحسن الأحوال .. فصاحب الخطاب الديني القديم يقصي أصحاب الاتجاه الآخر ويتهمه في دينه .. والجانب الآخر يرمي عدوه بأسلوب لايقل سوءا عن بشاعة الاتهام في الدين ..


بعد كل هذه المقدمة وباختصار :

سأقدر من يدخل في هذ الصراع إذا حقق شرطا :

" هو شخص مقتنع تمام الإقتناع أن الحرب التي يخوضها ستقرب الطرف الآخر له أو ستقنعه " ..


العقل حر في اختيار الحقيقة الأقرب إليه .. إنما المهم أن يكون خارج تلك الحرب ..يبحث عن الحق أين كان.. بدون تشنج أو توتر مسبق .. بدون أن يكون مؤدلجا لاتجاه معين يثبت خطأ المضاد ويهاجمه حتى قبل أن يدرس قضيته !


المحارب سيحرم نفسه وسيضيع كثيرا من جهده في مشروع غير بناء .. وإن كان يبحث عن التغيير فالتغيير سيتواجد أكثر في التفكير الهادئ والعميق الذي يخطط ويدرس ويختار قضاياه !


صحيح أن تبيين خطأ الأفكار القاتلة لرقي المجتمع أمر مهم .. لكن الصراع ليس السبيل الأمثل لذلك !


في النهاية اقتباس اعجبني للفيلسوف طه عبدالرحمن :

"لئن كانت عادتي النفور الشديد من أن أتكلم في ما كثر فيه الكلام بين الناس ، فذلك لأني أشعر وكأن وراء ذلك أوامر يصدرها أصحابها لقنوات اعلامية معينة ، حتى تجر العالم إلى الخوض فيه لأغراض غير بريئة .. فضلا عن أنه لاشيء أبغض للفيلسوف من أن يكون تابعا لا متبوعا"


الثلاثاء، 21 فبراير 2012

تجرب ؟



في حياتي ما حضرت مباراة كورة ! ولإكمال هذا النقطة المهمة لإثبات ذكوريتي .. و"لشيء آخر" تحمست لخوض التجربة..




بصراحة "الشيء الآخر" هو المهم وهو مدخل الموضوع :


أعتقد ان التجارب هي من تجعلنا نفهم أكثر وأفضل .. خصوصا فهمنا للآخرين .. فكيف سأفهم كيف يفكر ملايين الشباب حول العالم إن لم أجرب حضور مباراة ؟ يبدو الأمر مهما بالنسبة لي..


سأخرج من ضيق مثال حضور المباراة إللى الفكرة الأساسية:


أجد تجربة الأشياء في الحياة شيء مثير ومهم فعلا .. ماهي خبرة كبار السن التي يقولون عنها إلا العوالم التي عاشوها و التجارب التي مرو بها بنجاحاتها وإخفاقاتها ..


التجربة هي تصنع الإنسان .. هي التي تصنع الحكمة حيث يرى ذلك العقل الأمور من كل زواياها كبيرها وصغيرها جادها وتافهها ..

لذلك أحب التجربة .. ولو في توافهه الأمور !


لماذا أجرب المطعم نفسه وتوجد خيارات لم أجربها ؟ لماذا العب الرياضة نفسها وكأني مغصوب ؟ في كل شيء نفعله نجد خيارات أخرى .. ومع كل خيار جديد نختاره فنحن نضيف تجربة إلى رصيد تجاربنا .. وهل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون؟


في كل تجربة نخوضها نحن نعيش جانبا مختلفا من الحياة .. نعيش عالما آخرا فعلا .. أحب أن أعيش هذه العوالم الأخرى (مثلا هناك عالم خاص بمدمنين السوني .. عالم خاص بهواة الغوص .. عالم خاص بأهل الفكر والثقافة .. عالم بأصحاب الدروس والمحاضرات .. عالم خاص بهواة السيارات .. مدمني الرياضة.. الخ ..) .. أحيانا قد تتاح لنا تجربة تجارب أخرى وعوالم ثانية .. لاينبغي أن نتردد في إضافة شعور جديد وتجربة جديدة لحياتنا .. وأحيانا قد لايتسنى لنا أن ندخل أو نجرب كل العوالم ولكن بإمكاننا أن نعيشها في أجواء رواية .. وهنا يكمن جمال بعض الروايات التي تتيح لنا عوالم يستحيل علينا أن نعيشها على الواقع ..


أحيانا أجرب أشياء لا أجلها .. لكن لكي أكتشف عالمها وشعور أصحابها ..


باختصار :

داخل العالم هناك العديد من العوالم الصغيرة.. بإمكانك أن تكون فضوليا فتعيش أحدها ولو لفترة .. فتفهمها وتكتشف أسرارها .. ومع كل عالم تفهمه أو سر تكتشفه سوف تجد الكثير من الإثارة .. والعديد من الخبرات والتجارب والشعورات التي ستضيفها إلى حياتك والتي تستحق أن تروى ..