الخميس، 2 ديسمبر 2021

حكمة من المحنة

 

مما احبه في مجال الأورام انه يعطيك بعدا عميقا للإنسانية .. للإنسان في قوته وفي اضعف لحظاته .. في صراعاته وانتصاراته

 

قابلت اليوم عائلة عرفتها عن قرب السنة الماضية .. عائلة ثرية لديهم ابن مراهق أصيب بنوع من سرطان العظام .. بعد سنتين ونصف من العلاج وايام الانتصار والانتكاسة .. رحل الشهر الماضي

 

بعض النقاط مما اثارني

-1-

 

بعض أصدقاء العائلة يواسوهم " .. بس افضل شي انه ارتاح الحين من التعب والالم" هذا يغضب الام .. يفترض الناس انها تفضل ان يموت على ان يعيش بألم .. والأمر الاخر ان الألم كان متحكما فيه معظم الأوقات ..

قد نواسي الناس بعبارات نفترض انها صحيحة وتزعج الاهل

 

 

-2-

 

من يرى هذه العائلة في الشارع قد يرى هذه العائلة في سيارة فارهة او منزل فخم .. كل من الناس لديه مآسيه! لاتمدن عينك للاخرين!

 

-3-

في كتاب جميل

“the courage to be dislike”

يتحدث عن ان معظم مشاكل الحياة مرتبطة بالناس .. ومنها مقارنة انفسنا بمن حولنا ويمر بنفس ظروفنا .. فرضا لن تحسد ترمب على ثروته لكن قد تحسد صديقا على مليونين ريال! الأم تقول بحسرة "لا احب ان أكون ذلك الشخص واكره هذه المشاعر التي تمر بي .. لكن هناك ولد بعمر ابني شخص بورم الدماغ في نفس الوقت وهو لايزال حي .. اكاد احسد اهله واحس بالغيره منهم"

 

تستغرب انها تركت كل العالم وتخار من ولد لديه سرطان في الدماغ .. سوى اننا نقارن نفسنا بمن يمر بظروف مشابهة لنا .. نأخذ جانبا من التشابه ونغفل عن نعم أخرى كثيرة ننعم بها وحرم منها اخرون!

 

السبت، 22 مايو 2021

زهرة العائلة

عندما نفقد عزيزا فجأة .. نعود بذاكرتنا سريعاً لنتفقّد مابقي منها .. نجد تلك الذاكرة ككائن يتسرب من رؤوسنا قطرة قطرة .. فنحاول ان نسد بأيدينا ونحافظ على مابقي منها  .. ولا اجد كالكلمة او الصورة سداً وحافظاً! 

 

 دادا زهرة .. 

 

عندما أعود الى ذاكرتي الأولى فلا أتذكر الا انها الجدّة ثانية .. هكذا كنت أرى من معاملة جدي وجدتي وأعمامي .. ولكن لم أكن أعرف تحديدا لماذا كان لديّ جدّتين بينما قد اكتفى جميع أصدقائي بواحدة! 

 

 ثم تتوالى الأيام .. وتكبر دادا في داخلي ككيان مهم في العائلة .. لها كلمة عليا .. ومعاملة خاصة .. كانت تقضي عندنا الأسابيع فكانت لها ذكريات عميقة وجميلة وممتدة ... ثم تمر السنين .. وتتكشّف التفاصيل .. قطعة قطعة .. بكل اثارتها ومآسيها وافراحها .. 

 

 دادا زهرة .. هي تلك الطفلة التي لم تبلغ العشْر في أحدى قرى اليمن .. بينما كانت تلعب مع اخوانها اذ جاء غريب يريد ان يريها شيئاً مثيرا .. وماهي إلا لحظات في ذاكرتها حتى أفاقت في مكان آخر وبين أيدي الخاطفين .. وبعد أيام من السفر بين البر والبحر وعلى ظهور الحمير .. وجدت نفسها في بلد آخر لا تعرف بها احداً .. وتقف لتُباع في سوق العبيد!

 

 تتوالى السنين العجاف عليها .. وتتنقل بين سادات عانت الأمرين لدى معظمهم .. إلى ان وجدت نفسها يوما بيعت وأهديت إلى سيدة شابة تدعى خديجة بمناسبة زواجها في مكة .. وانتقلت مع تلك السيدة وزوجها للرياض لتكون لهم عوناً في حياتهم الجديدة .. مع هذه العائلة .. عاشت أيام العائلة من بدايتها .. وعايشت ولادة الأولاد جميعا .. سبأ .. ورياض .. وسلطان .. وخلود .. وآخرهم محمد .. كانت أماً ثانية لهم .. وعاشت أياماً مليئة بالذكريات السعيدة .. 

 

 إلى أن جاءت ليلة في عام 1962 .. حيث طلب منها جدي عبدالله - عليه رحمة الله – طلباً استغربته كثيراً .. أراد منها أن ترتدي أحسن مالديها لانه سيأخذها لـ"مشوار" في الصباح .. لم تستطع أن تعرف ما وراء ذلك الطلب .. ولكنها عاشت ليلة طويلة مليئة بالقلق والتوتر .. وفي الصباح وجدت نفسها في قصر الحكم .. فقد أُصدرقرارُ تحرير العبيد .. تصف دادا ذلك اليوم بالمهيب الذي عجزت فيه عن النطق! لم تستطع ان تجاوب على أي من أسئلة ال"مقيّمين" .. وخرجت من قصر الحكم فجأةً حرّة طليقة بلا مقدمات !!

 

 كان ذلك اليوم كابوساً لها .. بكت كثيراً .. فمن تعرف في هذه الحياة ومن تأمن غير هذه العائلة التي عاشت لديها تلك السنين الجميلة؟ وبالرغم أنه كان بإمكانها أن تعود لليمن لتبحث عن جذورها وعائلتها .. إلا انها قررت خلاف ذلك .. ومن تلك الليلة عاشت دادا زهرة حرّة طليقة وجزءاً لاينفصل من العائلة .. 

 

 دادا زهرة .. هي تلك المرأة الأميّة التي امتلكت موهبة فريدة للحكايا والقصص .. أجلس أحيانا معها لنصف ساعة وتحكي لي شيئا بأسلوب شيق! وعندما تنتهي اكتشف انها لم تحكي لي سوى انها اخذت التاكسي وذهبت للموعد .. قابلت الدكتورة وعادت للبيت!!

 

دادا زهرة .. هي التي لم يكن لها أبٌ أو ولدٌ تعرفه .. لكنها ملكت قلوب جميع من حولها فكانوا كلهم أولادها ..


دادا السخيّة التي فتح الله لها رزقاً من عنده عرَفَ سبيله للمحتاجين .. وما زاد ما تعطي إلا بركة فيما يدها ..

 

دادا زهرة هي تلك الصابرة العابدة التي عاشت جيلا يبدأ يومه قبل الفجر بنصف ساعة لصلاة الليل! 

 

 دادا التي كان أقصى مايسعدها أن تُعد لنا حلى الـ"تطلي" او دبيازتها المحبوكة في الأعياد .. رحلت دادا فجأة اليوم .. حاملة معها ذكريات لاتُنسى .. 

 

 رحلت نقية .. لم تحمل من أثقال الدنيا شيئاً .. وكلي يقين بعطاء الله وانها في نعيمه ..

الأحد، 14 فبراير 2021

نموذج الرضا الوظيفي

يتحدث كتاب How to measure your life عن بعض عوامل السعادة والرضا الوظيفي .. اعجبني هذا النموذج .. مع النماذج تفكر في الموضوع بشكل اوضح .. تستطيع ان تحسب خياراتك بشكل أفضل..