السبت، 31 ديسمبر 2011

مع الشافعي .. فن الإجابة

في خطبة الجمعة سمعت :

سأل رجل الشافعي-رحمه الله- فقال: يا أبا عبد الله، أيُّما أفضل للرجل: أن يمكن أوأن يبتلى؟


حاولت لا إراديا وبسرعة أن أخمن جواب الشافعي : هل سيختار التمكين أم الابتلاء ؟


في أجزاء الثانية رشحت أن يكون الابتلاء .. واعتقد أني اخترت الابتلاء بناء على الآتي : وردت أحاديث كثيرة في ابتلاء المؤمنين وأن من حب الله للعبد ابتلاؤه له .. وأن الصبر على الابتلاء هو مايوفق الله له عبده الذي يحبه فيرقى بابتلائه الدرجات وهو صابر فلايضره ابتلاؤه ..


ولكن بماذا رد الشافعي ؟


"لا يمكَّن حتى يبتلى "



حينها أدركت مدى سطحية جوابي .. الجواب السطحي الذي يستمع للسؤال ويحاول أن يجاوب عليه مباشرة جوابا حديا بـ"أبيض" أو "أسود" دون أن يترك للذهن حرية التفكير وكأن السؤال يكبله !


عندما تسأل العقلية الجامدة سؤالا وانتهى بخيارين " نعم " أو "لا " مثلا فإنه سيكون محشورا بينهما .. لايملك أن يتحرر من السؤال لينظر للموضوع بنظره كليه تكسر حاجز السؤال ..



حق للشافعي عليه رحمة الله أن يكون الشافعي ! إنني هنا الآن تحت مدرسته .. أحاول أن اتعلم منه فن التفكير .. وفن الإجابة !



اترككم هنا مرة أخرى لتستمتعو بإجابته مرة أخرى :

سأل رجل الشافعي-رحمه الله- فقال: يا أبا عبد الله، أيُّما أفضل للرجل: أن يمكن أوأن يبتلى؟ قال : لا يمكَّن حتى يبتلى



*على الهامش :

في رد الشافعي قاعدة لكل من يطمح .. لن يكون الطريق سهلا بلا ابتلاءات فتوقع العقبات .. ولو كان سهلا لوصل الجميع ! فلينشرح صدرك لما يواجهك .. إذ أنك على الطريق ..


الأحد، 20 نوفمبر 2011

تجربة الابتدائي تقول لنا : لاتقارن


تذكر تجربه العلوم في رابع ابتدائي : "طاسات" أو أوعية ماء بحرارات مختلفة ؟ تذكرت ؟



أذكرك : أحضر 3 أوعية وضع في أول واحدة ماءا باردا وفي الثانية دافئا متوسط الحرارة والثالثة حارا ..

ضع يدك في الوعاء البارد وبعده مباشرة ضعها في الوعاء الدافئ في المنتصف .. احساسك حيكون أن الوعاء في المنتصف حار ..

جرب شيئا آخر : الآن ضع يدك في الوعاء الاخير "الحار" ثم ضعها مباشرة في الوعاء في المنتصف .. كيف سيكون شعورك وكيف ستصف حرارته ؟ سيكون باردا !

في أقل من دقيقة تحول وصفك للوعاء من "حار" إلى "بارد" ..



يحدث لدينا هذا الخطأ الوصفي كثيرا .. مثلا فشخصيا أحس نفسي أحيانا مطوع بل ومتشدد وفي نفس اليوم أجد نفسي "داج" !

إنها مشكلة الوصف بناءا على المقارنة..

صحيح أننا نتعرف على الأشياء بالمقارنات وقد لانعرف الأشياء بغير المقارنات.. لكن المقارنة للأسف في معظم أحكامنا ليست دقيقة بل ومضلله ..


قد تكون المقارنات فعالة : مثلا درجة الحرارة هي مقارنة ولكنها دقيقة لأنها تخضع لمرجع ثابت وهو الصفر .. ومثل هذه القيمة الثابتة التي نكون متفقين عليها لاتكون موجودة في معظم مسائلنا اليومية فهذه المراجع الثابتة تكاد لاتوجد الا في المسائل العلمية القابلة للقياس الدقيق..


تطبيقات مشكلة المقارنة هذه نقع فيها يوميا .. فنصف اشخاصا بأنهم معتدلين أو متطرفين .. ونصف شيئا بأنه صعب او سهل .. ونصف شكل بالجمال أو القبح ..

يجب أن نعي أن معظم هذه الأحكام التي لاتخضع لقيمة ثابتة هي مثل تجربة أوعية الماء .. إنها خداعة وغير دقيقة أبدا !



تذكرت مثالا للفكرة حصل لي قبل فترة :

كان هناك نقاش عن ان الفقر هو مسبب للكثير من الثورات .. هل الجواب صحيح ؟ اعتقد انه غير دقيق .. لماذا ؟

ماهو الفقر ؟ انه مصطلح لايخضع لمقياس محدد .. قد نطلق على من لايملك سيارة فقيرا لدينا .. وقد يكون نفس الشخص ثريا مقارنة بشخص آخر يعيش في بنقلاديش !
لذلك ليس من الدقيق ان نقول أن الفقر هو مسبب للثورات والا لثارت مقديشو قبل تونس .. لكن عاملا مختبئا خلف الفقر هو ماقد يفسر الثورة بشكل أدق : إنها العدالة الاجتماعية الغائبة وسوء توزيع ثروة البلد .. أن يعيش أطفالك على الخبز ويعيش جيرانهم على البرجر دون أن يكون والدهم مستحقا لهذه الثروة !

الاثنين، 26 سبتمبر 2011

بساطة

كتبت على التويتر " قابلت اليوم جراح قلب اطفال كنت اعرفه وقت دراسته في كندا وبدأ يشتغل ويدرس عندنا .. غصبا عنك تحب الشخص البسيط .. البساطة سحر " ..

رد علي الصديق أحمد الزعابي : "يا ريت لو تكتب لنا تدوينة رايقه عن البساطة كما تحبها ان تكون " لحظة عشان الواحد ما ياخذ في نفسه مقلب .. يمكن يقصد : مسوي نفسك فاهم ! يلا ايش هي البساطة ياأخ ؟ هي أكبر من كلمات تطلقها كذا !

مع أني لم أقابل أحمد لكن من مدونته التي تسبق سنوات عمره ومعرفتي الخفيفة به أستطيع أن أفترض أنه لايقصد احراجي .. سأجيب طلبك لكن "رايقة " هذي صعبة شويا !! ( :

---------------------

صاحبنا الدكتور هذا قابلته قبل 3 سنين في الصيف في كندا .. لاني دخلت في بعض النشاطات مع النادي السعودي في فانكوفر فحصل لي أن احتككت به وعن قرب أحيانا .. ركبت مرة في سيارته الصغيرة وساق بنا وكنا 4 في الخلف .. راقبته أحيانا أخرى في سهرات النادي المتأخرة .. ومرات أخرى ..

هو رجل ليس طويل القامة .. ولا مهاب الشكل .. الابتسامة "ناشبة" في وجهه .. لهجته الجنوبية الصافية لايتخلى عنها ولايحس بأي حاجة لأن يخفف من حدتها .. لو جلست معه 5 دقائق لأحسست أنك مع شخص عادي جدا جدا  ..

في الحقيقة هذا الدكتور الحبيب قد اجتاز تخصصه الدقيق بنجاح من كندا ويعمل في أكبر جامعات ومستشفيات المملكة حاليا .. من يخالطه يعرف نشاطه وخبرته القيادية وخدمته للآخرين .. كل ذلك لم يمنعه أن يكون كما يكون : هو بلا أي "ميك أب"

استخرج من هذا الشخص بعض النقاط عن البساطة .. أو الشخص البسيط :

- لايحس أن فوق رأسه عدادا للابتسامات .. يبتسم للجميع .. فهو لايخاف أن تذهب هيبته كما قد يعتقد البعض أن مع كل ابتسامه إضافية تخسر نقطة في معركة الهيبة ( هيبه !! حسيت اننا غابة وكل واحد جالس على جمب .. واهم شي الناس تخاف منه)

- لايحس أنه يعيش في هوليوود وأنه ممثل شهير وكل حركة محسوبة عليه .. يتصرف ببساطه قد تضحك الآخرين أحيانا .. وليس لديه مشكلة كبيرة في ذلك ..

- يبلع الإساءات بسرعة .. قد يكون ذلك بسبب أنه تعود على أن يعلق الآخرون على تصرفاته !! قد ينفعل بسرعة لكن بإمكانك ملاحظة بياض قلبه من عينيه ..

لماذا أحب ذلك الشخص مع أنه لاتوجد تلك العلاقة القوية .. ولكن شوفته تفتح النفس ؟

لاني أحسه "كتاب مفتوح" .. لاني احس أني تستطيع أن أفهمه بسهولة .. لاتحس أنك بحاجة إلى رسمية أبدا عند الحديث معه .. ولست بحاجة أن تبدو مهما أو مثيرا لتكسب وده .. فتحس بارتياح

قرأت مرة : " الصديق الذي نشعر بالارتياح معه هو الذي يجعلنا نشعر شعورا إيجابيا تجاه أنفسنا" .. فبينما يتلذذ الآخرين في استعراض انفسهم .. لايمهه ذلك كثيرا .. أحيانا تجلس مع من لايصل إلى عشر منزلته ويشعرك باحتقار لنفسك .. بينما ينجح هو في أن يشعرك بقيمتك !

لتحاول أن تقلده وتصل لبعض بساطته :

ابتسم .. لاتتكلف كثيرا ولاتجعل همك الأكبر أن تبهر الآخرين وتجعلهم يشعرون بأنك مهم أو أنك متفوق عليهم ..ولاتستميت لإخفاء بعض الشغلات والعادات فيك لتبدو أكثر اكتمالا.. قد تجعلك البساطة تفقد بعض الناس الذين لايحبون سوى الأشخاص "الثقيلين" .. لكنك ببساطتك ستستمتع وتمتع معك آخرين ..