الثلاثاء، 19 يونيو 2018

إجازة الأبوّة والانتحار!




عدت هذا الأسبوع للعمل بعد إجازة (أبوّة) لمدة شهر

  Paternity leave

الفكرة والمصطلح جديدين بالنسبة لي .. ولم اسمع عنها قبل ذلك في السعودية .. خلال اول 5 أيام بعد ولادة سلطان لم يكن اهل زوجتي قد وصلوا بعد (ما ادري كان مستعجل على ايش وجا بدري؟!) .. عشت تجربة تمر فيها الكثير من الأسر الكندية .. حيث الاب والام هم تقريبا المسؤولين بشكل كامل عن الأبناء .. فلا يوجد "نفاس" تروح الام عند أمها شهر .. في هذه الحالة يكون الحِمل كبيرا على الام وتحتاج الى زوجها ان يكون بجانبها .. يساعدها من الحفايظ إلى الطبخ والصحون! لذلك ما اعتقد ان الامر "دلع" بقدر انه حاجة عند الكثيرين.



توفر برامج التدريب للاب إجازة أبوة مدفوعة الاجر تصل إلى 6 شهور! وبالإضافة إلى بُعد حاجة مساعدة الزوجة .. تهتم البرامج بأن يقضي الاب هذا الجزء المهم من بداية حياة الطفل بقربه .. كمية المرونة التي وجدتها من مديرة البرنامج كانت كبيرة .. خططنا سويا لاجازة تبدأ من يوم الولادة .. مع ذلك قالت لي في حال حصلت الولادة مبكرا فقط ابلغني وتبدأ اجازتك فورا وبإمكانك أيضا تمديدها



موضوع إجازة الابوة يجرني إلى الموضوع الأساسي .. وهو الوعي المتزايد بالمشاكل والعبئ النفسي الذي يمر به الأطباء أدت إلى وجود نسبة انتحار عالية بينهم .. أرى جهدا كبيرا من هذه الناحية لمساعدة الأطباء المتدربين لتخفيف الضغوط ومحاولة دعمهم للتخفيف من هذه المشاكل .. من امثلتها تغيير نظام المناوبة من 24 ساعة الى 16 ساعة .. المرونة العالية في الاجازات الاضطرارية .. برامج الدعم النفسي .. العمل على تحسين بيئة العمل والعلاقة بين الاستشاريين والاطباء

أعقتد أن وضع برامج التدريب في السعودية يحتاج حاليا الى الوعي بالمشكلة والاعتراف بها كبداية .. ومن ثم اتخاذ خطوات وتعديلات في البرامج وبيئتها وطريقة تعامل الاستشاريين مع المتدربين كخطوة بعدها ..

الأحد، 10 يونيو 2018

الاقتراب من المجلس


تدوينة بنكهة رمضان .. خلال الأيام الماضية سمعت أو قرأت عن أمر لا نلفت له عادة ..لفتات من نبل ورفعة خلق الأنبياء من مواقف في حياتهم اليومية .. هنا بعضها:



- خرج من مدينته خوفا ممن يترصد قتله .. إلى أين؟ إلى مكان لايعرف فيه أحدا .. دخل مدينة وعلى طرفها بئر تستسقي الناس منه .. هو في ذلك الحال لا ملجأ ولا مأوى.. ولا من يعرفه فيقضي له حاجة ..

يتبادر للإنسان أن يبحث عن من يحتمي به في تلك الحالة البائسة .. مع ذلك ما أول فعل قام به موسى في تلك الحال العصيبة؟ وجد ذا حاجة فقضى له حاجته:

(وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ..  فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)

إنه خلق الأنبياء .. عندما ترى ذا حاجة .. لايكون لديك أي حسابات أخرى إلا عون ذلك الشخص!





- خلال فترة سجن يوسف عليه السلام وفي قصه صاحبي السجن الشهيرة .. كيف وصفه  صاحباه؟ ماهي الصفة الأبرز فيه؟ (نبئنا بتأويله إن نراك من المحسنين) .. ومن العجيب كيف له أن يكون محسناً لهم وهو حبيس مثلهم في السجن .. لا جاه ولا مال ولا أرض يسعى لهم فيها بشيء!



- بلا موعد سابق يحل عليك ضيوف لاتعرفهم! تحاول ان تتظاهر بأنك تريد حاجة من داخل البيت .. وتحاول جاهدا أن ترتب مائدة و"ذبيحة" بدون أن يحسون بذلك حتى لاينصرفوا او يعتذروا .. لهو منتهى الكرم في إبراهيم عليه السلام عندما جاءته الملائكة : " فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين .. فقربه إليهم فقال ألا تأكلون" .. وكلمه "راغ" من مرادفات "مراوغة" التي نستعملها كناية عن إحكام الاخفاء فلا ينكشف الامر



- في أحاديث رواها الصحابة عن وصف النبي صلى الله عليه وسلم من تعاملهم اليومي معه:: كان إذا صافح أحدا لا ينزع يديه من يده حتى يكون هو الذي ينزع .. واذا لقي الرجل فكلمه لم يصرف وجهه حتى يكون الرجل هو الذي يصرفه .. وكان إذا كلمه أحد استدار له كلية!



تلك بعض الأمثلة البسيطة .. والمقصد ان نلتمس من هذه اللمحات ونتزود بجماليات أخلاقية نكسبها من رمضان لبقية العام .. عسى الله ان يقربنا بها من مجلس نبيه عليه السلام ..