السبت، 6 ديسمبر 2014

سعار الاستهلاك .. "أو كلما اشتهيت اشتريت"



وأخيرا أودع جوالي آيفون 4 .. اشتريته سنة ثانية في كلية الطب .. بالتحديد قبل 4 سنوات من الآن ..


الفترة الأخيرة بدأ هالجوال يصير من التحف ويبعث على استغراب البعض خصوصا من اللي يعرفوني من زمان "إلى الحين عندك هالجوال" ..

 
 
 

 
 
غيرت جوالي الآن لسببين:  بدأ يعطلني بالتعليق .. وبطاريته أصبحت مزرية ..

رغم نزول أكثر من جهاز ايفون بعده إلا أني مافكرت أبدا أغيره .. لأني ما أشوف في أي اصدار ايفون جديد بعده ميزه تستاهل أغير الجوال لأجلها .. كلها ميزات صغيرة ماتضيف لي شيء!

 

الأمر عندي يرجع لثقافة الاستهلاك .. وأعتقد أن فلسفتي في الموضوع أصبحت الآن واضحة :

"إن كان الشيء اللي عندك يؤدي الغرض الذي تريده  .. واللي ممكن تشتريه مافيه ميزة إضافية.. ليش تشتري آخر؟"

 

أعرف أن الأمر قد يبدوا الآن متطرفا أومثاليا! لذلك دعني أشير إلى عامل أساسي في قراراتنا الاستهلاكية ويلعب دورا في قراراتنا الشرائية قد يفوق دور حاجتنا الفعلية للشيء.. فنحن لانشتري المنتج فقط لتلبية الحاجة الأساسية  منه .. وإنما لتلبية حاجة نفسية لدينا .. أي أننا نريد أن نبدوا مميزين عن الاخرين عن طريق مانملك .. أو على الأقل لانريد ان نبدوا أقل منهم ..

لهذه الحاجة النفسية تأصيل وهو شيء فطري ومقبول إلى حد : "إن الرجل يحب أن يرى ثوبه حسنا ونعله حسنا"

لكن القضية تكمن أن تزيد هذه الفطرة عن حدها فتنقلب إلى اضطراب.. ذلك عندما تصبح قيمتك وتقديرك لذاتك مبنية على ماتملك .. هنا يشتد سعار الاستهلاك .. فتصبح الحاجة النفسية طاغية عن الحاجة الفعلية للمنتج ..

 

التوازن مطلوب .. فكلنا يود أن يظهر بأحسن مظهر .. لكن علينا ألا نربط قيمتنا بما نملك .. إذ أنه كلما ربطت قيمتك بما تملك كلما أصبحت أكثر تعلقا بتلك الأشياء وأقل تقديرا لقيمة نفسك .. فالذي يشعر بقيمة نفسه تتضاءل عنده أهمية هذه الأمور ..
علينا ألا نجهد أنفسنا ماديا ونفسيا في سبيل مجارات الناس وإرضائهم من هذا الباب ... علينا ألا نشعر بالحرج من شيء لمجرد أنه أصبح "موديل قديم" .. أشتر ماتريد لا مايريد الآخرين ..
 

الشركات تلعب على هذا الوتر النفسي .. تخرج منتجات بشكل متكرر ومتسارع لا تختلف عن بعضها كثيرا من ناحية المميزات .. إلا أن الكثير يسارع إلى التغيير ومجاراة هذ السعار الاستهلاكي ..

 

 

يذكر عن جابر بن عبدالله رضي الله عنههأنه قال : رأى عمر بن الخطاب لحما معلقا في يدي فقال : ماهذا ياجابر ؟ قلت اشتهيت لحما فاشتريته . فقال عمر : أو كلما اشتهيت اشتريت ياجابر ! ماتخاف الآية ) أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا)