الخميس، 29 يوليو 2010

تذبذبات السعادة

كل أفعال البشرية تهدف في النهاية إلى هدف واحد –إلا بعض الحالات النادرة في مستشفى المجانين - فهتلر وهو يدخل اليهودي الى المحرقة يحاول ان يصل بطريقة ما الى معنى قد فقده للسعادة ..والاديان كلها لا تكف تزعم أنها ستضمن لمعتنقها لذة السعادة ..والمواطن المسكين يخرج في السابعة صباحا ولايرجع الا بعد منتصف النهار باحثا عن بعض الفتات الذي قد يضمن له ولأولاده الكفاف ومعنى من معاني السعادة ..


للأسف ان المظاهر هي الشيء الوحيد الذي يبدوا لنا من مظاهر سعادة الاخرين التي غالبا ما تكون كاذبة ..فالضحكة .. البانوراما على آخر موديل .. البوم صور التزلج في تلال سويسرا .. جميعها لا تعبر عن السعادة الحقيقية التي توجد في النفس ..

وللأسف مرة أخرى اننا دائما ما تغرنا المظاهر مهما إعتقدنا أحيانا في حالات سمو روحية معينة أنها لا تعني شيئا ..فكثيرا ما نسمع ونهز رؤوسنا بإيمان عميق : المال لا يضمن السعادة .. ولكن "فرة" واحدة في التحلية كفيل بإعادتنا إلى حالة مقيته من السطحية تتلاعب بنا مظاهر إمرأة ثرية أو سيارة فاخرة ..



كنت أفكر قبل فترة أن السعادة تكمن في تحقق رغباتنا .. قرأت كلاما جميلا لنسيم طالب في كتابه يقول أن الناس الأكثر سعادة هم ليسوا الذين يفرحون "كبيرا" وإنما يفرحون "كثيرا" .. باختصار رجل يحقق 10 صفقات ناجحة في السنة كل منها بقيمة 100 ألف أكثر سعادة من آخر يحقق 5 ملايين دفعة واحدة حيث أن النجاحات وتحقيق الرغبات لها مدى زمني ينمحي أثرها بعدها في تحقيق حالة من السعادة النفسية ..

إذا الذين يحاولون جعل حياتهم رغبات بسيطة متكررة أكثر عرضة للسعادة من الذين لا تستثير رغباتهم إلا رحلة 10 نجوم إلى أوروبا ولمدة لاتقل عن 3 شهور ..أن تجعل من الأشياء البسيطة مستثيرات للسعادة لها أرتباط كبير بالقناعة بالموجود وبعدم المقارنة بالآخرين ..


ولكن هناك مشكلة أن السعادة المتعلقة بتحقيق الرغبات تعلق سعادة الانسان بأسباب تكون خارجة عن إرادته أحيانا فيعيش بنفسية متذبذبة لا تعرف للإستقرار النفسي معنى ..



إذا كيف نضمن حالة من السعادة أكثر توازنا تضمن نفسية أكثر إستقرارا ؟


يبدوا أهملنا جانبا مهما وكبيرا في المعادلة : الجانب الروحي الذي يسموا فوق الماديات ..

السعادة الروحية التي نستمدها من الله سبحانه وتعالى والاحساس بقربه ورحمته وحمايته لها خاصية مميزة ..فهي لا تعتمد على تحقيق رغبات قد يكون تحققها خارجة عن إرادتنا وإنما كما قال سبحانه" من أتاني مشيا أتيته هروله " ..سبحانه وتعالى ضمن وهو أعلم بالبشر ووعدهم وهو من بيده سعادهم وشقوتهم : "فلنحيينه حياة طيبة"..هذه السعادة لا ترتبط بزمان أو بمكان بل تضمن حالة دائمة من الارتباط والاحساس بالأمان أساس السعادة ..لا تتعارض مع تحقيق الرغبات الدنيوية التي تجلب نوعا من السعادة أيضا ..

هناك 3 تعليقات:

عبدالله بن عمر يقول...

جميلة يا جميل

إيـاد يقول...

جميل جداً أبان..
أنا أؤمن إنه لن تكون هناك سعادة دائمة، لابد أن يشعر الإنسان بتلك اللحظات المؤلمة، الثقيلة، التي تختلج داخل صدره.. ليُقدر تلك المشاعر المفرحة التي تملأ صدره حيناً أخر.. :) والمهم هو أن نسعى لزيادة مساحة السعادة.. وتقليل مساحة الاكتئاب.. بالأفكار التي ذكرت.. وأضيف إليها:

أعتقد إن السعادة مُرتبطة بمعاني الأشياء.. بـ معنى إننا قد ننظر لشيء ما إنه "مفرح ومسعد" وقد يراه أخر إنه "محزن ومؤلم" والسبب إن كل منهما يراه برؤية أو بمعنى مختلف.. فـ السؤال الأهم هنا هو: كيف نجعل تلك الأشياء التي نعايشها يومياً (الروتين، المشكلات البسيطة، المسؤوليات الاجتماعية،..) أكثر سعادة؟ وذلك بأن نجعل لها معنى أخر.. بالقيام بها بطرق مختلفة.. أو بطرق أكثر إبداعية لتُسعد قلوبنا.. بدلاً من أن تصبح "هماً" نتثاقله..؟
أعلم إن ما ذكرته مجرد "كلام نظري" ليس سهلاً تطبيقه.. ولكن ربما نستطيع المحاولة :)

شكراً أبان.

أبان باهبري يقول...

شكرا عبدالله

اياد صادق لابد من الالام وأوقات الضيق والايمان يلعب دورا كبيرا في تخفيفها وخاصة جانب القضاء والقدر .. وصحيح السعادة مرتبطة بالمعاني التي نعطيها للأشياء .. أول حاجة نحتاج اننا نحاول نستمتع بكل لحظة نعيشها ونعيش كل عمل نعمله بحماس .. وثاني شي اننا نحاول ان تكون اعمالنا هي ما نحبها ونستمتع بها ..

شكرا لكم